تعرف المساجد في الفترة الراهنة إقبالا كبيرا من قبل التلاميذ المترشحين لامتحان البكالوريا فقد فرضوا سيطرتهم على الصفوف الأولى خلال صلاة الجمعة وحتى في مواعيد صلاة المغرب والعشاء، معتبرين أن صلاة الجماعة تخفف عنهم وطأة الضغط النفسي الشديد الذي يعيشونه في بيوتهم والبرامج الصارمة المفروضة من طرف أهاليهم فجوُّ المسجد وروحانيته تشعرهم بالراحة.
وكان بعض التلاميذ في ثانويات العاصمة قد تحصلوا مؤخرا على برنامج خاص يشمل مجموعة من الأدعية الخاصة بالامتحانات تم استخراجها من "الأنترنت" دون الإشارة إلى مصدرها أو صاحبها، ويجب على الطالب المقبل على الامتحان قراءتها قبل الشروع في الحفظ، بعد الانتهاء من المراجعة، يوم الامتحان، عند الدخول إلى القاعة، قبل الشروع في الإجابة، بعد الانتهاء من الإجابة، عندما تتعسر عليه الإجابة أو النسيان وأخيرا بعد مغادرة القاعة، وهي أدعية يتم تداولها بشكل كبير وعلى نطاق واسع خاصة بين الفتيات بالإضافة لبعض الآيات والسور القرآنية الواجب قراءتها 7 مرات و11 مرة، وكيفية أداء صلاة الحاجة وهي صلاة ركعتين في الثلث الأخير من ليلة الجمعة بنيّة النجاح في الامتحان ثم قراءة دعاء خاص بها قبل التسليم.
ولم يفوِّت بعض الرقاة الانتهازيين فرصة الامتحانات المصيرية ليشرعوا في الترويج لرقى مختلفة تزيل الخوف والإرتباك، وأخرى تساعد الممتحنين على النجاح.
وقد وقفنا على ذلك خلال جولة ميدانية قادتنا إلى ولاية البليدة عند أحد الرقاة المعروفين والمدعو بـ"الشيخ صالح"، وهو مشهور بـ"رقية الممتحنين" والذي كان لا يتوانى عن "رقية أقلام البكالوريا وشهادة التعليم الأساسي"، حيث يمسك القلم ويقرأ بعض الآيات عليه ويعيده لصاحبته. وكانت إحدى السيدات قد زعمت أن "رقيته ناجعة جدا" فقد سبق وأن رقت قلماً لابنتها التي اجتازت العام الماضي امتحان شهادة التعليم الأساسي، وبعد أن نجحت قررت أن ترقي هذه السنة قلم ابنتها الكبرى المقبلة على امتحان البكالوريا، فالشيخ "مبارك" على حد قولها و"رقيته مفيدة جدا" كما تعتقد.
إلى ذلك، وصف الشيخ نسيم بوعافية إمام مسجد فرجيوة بولاية ميلة، ما يحدث من ظواهر مستحدثة لا أصل لها في الدين الإسلامي بالخطير جدا، خاصة فيما يتعلق بتخصيص بعض السور القرآنية والآيات دون غيرها لقضاء الحوائج أو الزواج والنجاح وربطها بعدد معين من القراءات بـ"البدعة"، فلا توجد أحاديث نبوية صحيحة تدل على ذلك ولم يثبت قط أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى قراءة سورة دون أخرى عدة مرات في قضاء الحوائج فالقرآن كله خير وبركة لقارئه، وما هو متداول حاليا وأحدث ضجة داخل المؤسسات التعليمية مجرد أقاويل وأحاديث واهية فيها شبهة كبيرة، وقد استدل إمام مسجد فرجيوة في حديثه بفقه العبادات فالله لا يُعبد إلا بما شرعه كتاب الله وسنة رسوله.
وأردف الشيخ بوعافية قائلا: الدعاء شرِّع في الإطلاق فقولنا "ربِّ اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي"، يصلح لكل الأوقات ولكل الحالات ويجب أن لا نقرنه بالامتحانات، كما هو شائع الآن، فالدعاء ليس مرتبطا بزمان أو مكان أو عدد معين. محذرا من مغبة توسُّع هذه الظاهرة و"الأفكار البدعية الشيعية" وانتشارها في الثانويات.
وعن رقية الأقلام أجاب الشيخ بأنها "نوع آخر من البدع الموسمية لا أصل لها في الدين، ولا يوجد لها أي مستند شرعي فالواجب الدعاء لله بعبارات بسيطة واليقين بإجابته".